بسم الله الرجمن الرحيم
امابعد لكل اخواتنا وبناتنا
أظن أن الفتاة إذا بلغت سن الثلاثين أو قاربته ونهازته فقد دخلت سن اليأس ، وقال الكثير أن سن الخامسة والعشرين هو سن العنوسة ، فإذا بلغت البنت سن 27 وما فوق فإنه يقال لها عندئذ عانس .
وليس لبدء الزواج سن محددة كما أسلفت ، ومن تأمل سير الصالحين من هذه الأمة وجد عجباً والله ، فالبنت تتزوج في سن مبكرة ، وأعظم برهان على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقد خطب عائشة رضي الله عنها وهي بنت سبع سنين ، ودخل بها وهي بنت تسع سنين ، وتزوج خديجة رضي الله عنها ولها أربعون سنة ، وهو ابن خمسة وعشرون سنة ، ولنا فيه قدوة حسنة ، وأسوة طيبة .
أسباب العنوسة :
العنوسة هي الشبح المخيف الذي يلاحق كثيراً من الفتيات ، حيث كشفت إحصائية عن وجود نحو 3 ملايين عانس بالمملكة ، وأكد بعض الاختصاصيين أنه رقم كبير ومخيف ، وينذر بكارثة اجتماعية إن لم توجد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة .
ولهذا الظاهرة الخطيرة أسباب كثيرة ، ومن تأمل هذه الأسباب حق التأمل ، وجد أنها ليست بأسباب حقيقة لوجود ما يُسمى بالعنوسة ، بقدر ما هي تعقيدات ، وطمع ، ودلال ، وهروب من المسؤولية ، وطلب للعزوبة ، والعزوبة منهي عنها ، كما بينته فيما سبق ، ودليل ذلك ، الأدلة التي سقتها قبل هذا ، وأيضاً هذا دليل آخر في الصحيحين من حديث عن سعد بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ : رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا " .
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث عُثْمَان بْن مَظْعُون نَفْسه " أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي رَجُل يَشُقّ عَلَيَّ الْعُزُوبَة ، فَأْذَنْ لِي فِي الْخِصَاء . قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ عَلَيْك بِالصِّيَامِ " [ فتح الباري 14 / 307 ] .
وفيه النهي عن العزوبة ، والدعوة إلى الزواج ، لما في ذلك من تكثير لسواد الأمة ، ومكاثرة بهم أمام بقية الأمم ، في الدنيا والآخرة ، فعلى الفتاة أن تسعى جاهدة لقبول الخاطب الصالح ، وعلى ولي أمر الفتاة أن يُسارع بزواج موليته ، ولا يعضلها ويمنعها عن الزواج ، لأي سبب كان ، بل عليه أن يجتهد في ذلك .
وللعنوسة أسباب نتطرق إليها بشيء من الشرح والطرح ، لعل الله سبحانه أن ينفع بها الجميع ، فمن أسباب العنوسة :
1- عزوف الشباب عن الزواج :
وسبب ذلك يرجع إلى انحراف بعض الشباب ، والسفر لخارج الحدود والولوغ في أوحال الفاحشة ، ومستنقعات الرذيلة ، ويكتفي بالحرام عن الحلال ، والبعض يخاف من خيانة الزوجة له ، لأنه يرى أن كل النساء خائنات ، ويعتقد خطأً أن كل النساء منحرفات .
وهذا رد فعل طبيعي لمن خرج عن فطرته السليمة ، واتبع هواه والشيطان ، واستمرأ فعل الحرام ، أن يظن ظن السوء .
2- مواصلة الدراسة :
تعتذر بعض الفتيات عن الزواج في بعض المراحل الدراسية ، بحجة إكمال الدراسة ، وربما فشلت في دراستها ، أو تعرقلت في بعض سنين الدراسة ، فتزيد على سنوات الدارسة سنوات أخرى ، فيمر عليها العمر وهي لا تشعر ، حتى يفوتها قطار الزواج ، وسن النكاح ، ثم لا يرغب بالزواج منها أحد ، مع أن الزواج ربما كان من أعظم الوسائل المعينة على الحفظ والاستذكار والنجاح ، بل وحتى التفوق ، لاسيما في ضوء وجود زوج عاقل فاهم ، يقدر أمر الزوجة ، ويعينها على دراستها وتفوقها وهم كثير ، في كتب التربية وعلم النفس ، أن الكثير من الشباب والشابات البالغين سن الزواج ، يكون عندهم شرود ذهني ، وكثرة في الأفكار والسرحان ، ثم ضعف في التحصيل العلمي ، فلما تزوجوا ، ذهبت عنهم هذه الأفكار ، وصفت عقولهم ، وزاد فهمهم وتركيزهم في دراستهم ، حتى أصبحوا من المتفوقين والمتفوقات .
فعلى الفتاة إذا تعارضت فكرة الزواج وإكمال الدراسة ، فعليها أن تقدم الزواج على الدراسة ، لأن الزواج مطلب شرعي ، أما إكمال الدراسة فأمر ثانوي ، وإذا لزم الأمر ، فلها أن تشترط إكمال الدراسة ، وبذلك تحقق أملين مهمين ، الزواج وإكمال الدراسة .
وعلى الفتاة أن تحذر من التسويف والتسويل والمماطلة ، فربما فاتها سن الزواج ، ثم ندمت بعد ذلك ، في حين لا ينفع الندم .
وفعلاً كم من فتاة أضاعت سن الزواج بسبب حجة الدراسة ، ثم تمنت لو ضحت بالشهادة من أجل أن تسمع كلمة [ أمي أو ماما ] ، ولكن فات القطار .
ومن المعلوم أنه يوجد بعض الفتيات متزوجات وهن يدرسن في الصف الثالث متوسط ، أو في أول ثانوي ، وإن كن قليلات ، ثم يكثر عدد المتزوجات في الصف الثاني والثالث الثانوي ، فاحذري تأخير الزواج بحجة مواصلة الدراسة .
3- تراكمات أحداث سابقة :
ربما تربط بعض الفتيات ، بعض الأحداث القاسية في حياتها بكل رجل ، فربما كان الأب قاسياً في تعامله مع أبنائه وبناته ، وربما كان الأخ أيضاً وحشاً كاسراً مع أخواته ، فلا احترام ولا توقير ، ولا إجلال ولا تقدير ، بل على العكس من ذلك ، سباب وشتائم ، وركل ورفس ، فتتراكم هذه الأحداث ، حتى تصبح حلماً مفزعاً ، وهماً مفجعاً ، وتحسب الفتاة أن كل الرجال بهذه الشاكلة من سوء الأخلاق ، وعنف التعامل ، وسيء الطباع .
وربما كانت تخاف من الفشل ، لأنها تسمع وترى بعض قريباتها أو صديقاتها ، فشلن في زواجهن ، فتخاف أن ينسحب الأمر على كل الرجال .
أو الخوف من عدم القيام بحق الزوج ، أو الخوف من عدم القيام بشؤون المنزل ، وربما كانت إحداهن ترغب في الراحة والدعة ، حتى يفوتها الزواج ، وتدخل في سن العنوسة المتأخرة التي لا يرغب بالزواج منها أحد ، فتخسر بناء أسرة مسلمة تفيد أمتها ومجتمعها ، وتخسر زوجاً يكون لها جنة في الدنيا والآخرة ، وأبناءً صالحين ، يدعون لأمهم ، فعلى الفتاة أن تحكم عقلها قبل عاطفتها وما يمليه عليها تفكيرها الخاطئ ، بترك الزواج ، وعليها أن تقدر للأمور قدرها ، وتقارن فوائد الزواج ، بمضار العنوسة ، إذ لا مقارنة بين الأمرين .
لاسيما والشرع جاء في الأصل بالزواج ، ونهى عن العزوبة .
فللزواج فوائد كثيرة ، كبناء الأسرة ، والحفظ من الانحراف ، وتحقيق المكاثرة ، وغير ذلك كثير .
وللعنوسة مضار كثيرة ، ذكرتها في بداية هذا الموضوع ، فلا يمكن لعاقل أن يقارن بين أمرين أحدهما حلو والآخر مر علقم ، أحدهما يقرب إلى شرع الله ، والآخر يبعد عن مقصود الشرع من الزواج .
امابعد لكل اخواتنا وبناتنا
أظن أن الفتاة إذا بلغت سن الثلاثين أو قاربته ونهازته فقد دخلت سن اليأس ، وقال الكثير أن سن الخامسة والعشرين هو سن العنوسة ، فإذا بلغت البنت سن 27 وما فوق فإنه يقال لها عندئذ عانس .
وليس لبدء الزواج سن محددة كما أسلفت ، ومن تأمل سير الصالحين من هذه الأمة وجد عجباً والله ، فالبنت تتزوج في سن مبكرة ، وأعظم برهان على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقد خطب عائشة رضي الله عنها وهي بنت سبع سنين ، ودخل بها وهي بنت تسع سنين ، وتزوج خديجة رضي الله عنها ولها أربعون سنة ، وهو ابن خمسة وعشرون سنة ، ولنا فيه قدوة حسنة ، وأسوة طيبة .
أسباب العنوسة :
العنوسة هي الشبح المخيف الذي يلاحق كثيراً من الفتيات ، حيث كشفت إحصائية عن وجود نحو 3 ملايين عانس بالمملكة ، وأكد بعض الاختصاصيين أنه رقم كبير ومخيف ، وينذر بكارثة اجتماعية إن لم توجد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة .
ولهذا الظاهرة الخطيرة أسباب كثيرة ، ومن تأمل هذه الأسباب حق التأمل ، وجد أنها ليست بأسباب حقيقة لوجود ما يُسمى بالعنوسة ، بقدر ما هي تعقيدات ، وطمع ، ودلال ، وهروب من المسؤولية ، وطلب للعزوبة ، والعزوبة منهي عنها ، كما بينته فيما سبق ، ودليل ذلك ، الأدلة التي سقتها قبل هذا ، وأيضاً هذا دليل آخر في الصحيحين من حديث عن سعد بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ : رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا " .
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث عُثْمَان بْن مَظْعُون نَفْسه " أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي رَجُل يَشُقّ عَلَيَّ الْعُزُوبَة ، فَأْذَنْ لِي فِي الْخِصَاء . قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ عَلَيْك بِالصِّيَامِ " [ فتح الباري 14 / 307 ] .
وفيه النهي عن العزوبة ، والدعوة إلى الزواج ، لما في ذلك من تكثير لسواد الأمة ، ومكاثرة بهم أمام بقية الأمم ، في الدنيا والآخرة ، فعلى الفتاة أن تسعى جاهدة لقبول الخاطب الصالح ، وعلى ولي أمر الفتاة أن يُسارع بزواج موليته ، ولا يعضلها ويمنعها عن الزواج ، لأي سبب كان ، بل عليه أن يجتهد في ذلك .
وللعنوسة أسباب نتطرق إليها بشيء من الشرح والطرح ، لعل الله سبحانه أن ينفع بها الجميع ، فمن أسباب العنوسة :
1- عزوف الشباب عن الزواج :
وسبب ذلك يرجع إلى انحراف بعض الشباب ، والسفر لخارج الحدود والولوغ في أوحال الفاحشة ، ومستنقعات الرذيلة ، ويكتفي بالحرام عن الحلال ، والبعض يخاف من خيانة الزوجة له ، لأنه يرى أن كل النساء خائنات ، ويعتقد خطأً أن كل النساء منحرفات .
وهذا رد فعل طبيعي لمن خرج عن فطرته السليمة ، واتبع هواه والشيطان ، واستمرأ فعل الحرام ، أن يظن ظن السوء .
2- مواصلة الدراسة :
تعتذر بعض الفتيات عن الزواج في بعض المراحل الدراسية ، بحجة إكمال الدراسة ، وربما فشلت في دراستها ، أو تعرقلت في بعض سنين الدراسة ، فتزيد على سنوات الدارسة سنوات أخرى ، فيمر عليها العمر وهي لا تشعر ، حتى يفوتها قطار الزواج ، وسن النكاح ، ثم لا يرغب بالزواج منها أحد ، مع أن الزواج ربما كان من أعظم الوسائل المعينة على الحفظ والاستذكار والنجاح ، بل وحتى التفوق ، لاسيما في ضوء وجود زوج عاقل فاهم ، يقدر أمر الزوجة ، ويعينها على دراستها وتفوقها وهم كثير ، في كتب التربية وعلم النفس ، أن الكثير من الشباب والشابات البالغين سن الزواج ، يكون عندهم شرود ذهني ، وكثرة في الأفكار والسرحان ، ثم ضعف في التحصيل العلمي ، فلما تزوجوا ، ذهبت عنهم هذه الأفكار ، وصفت عقولهم ، وزاد فهمهم وتركيزهم في دراستهم ، حتى أصبحوا من المتفوقين والمتفوقات .
فعلى الفتاة إذا تعارضت فكرة الزواج وإكمال الدراسة ، فعليها أن تقدم الزواج على الدراسة ، لأن الزواج مطلب شرعي ، أما إكمال الدراسة فأمر ثانوي ، وإذا لزم الأمر ، فلها أن تشترط إكمال الدراسة ، وبذلك تحقق أملين مهمين ، الزواج وإكمال الدراسة .
وعلى الفتاة أن تحذر من التسويف والتسويل والمماطلة ، فربما فاتها سن الزواج ، ثم ندمت بعد ذلك ، في حين لا ينفع الندم .
وفعلاً كم من فتاة أضاعت سن الزواج بسبب حجة الدراسة ، ثم تمنت لو ضحت بالشهادة من أجل أن تسمع كلمة [ أمي أو ماما ] ، ولكن فات القطار .
ومن المعلوم أنه يوجد بعض الفتيات متزوجات وهن يدرسن في الصف الثالث متوسط ، أو في أول ثانوي ، وإن كن قليلات ، ثم يكثر عدد المتزوجات في الصف الثاني والثالث الثانوي ، فاحذري تأخير الزواج بحجة مواصلة الدراسة .
3- تراكمات أحداث سابقة :
ربما تربط بعض الفتيات ، بعض الأحداث القاسية في حياتها بكل رجل ، فربما كان الأب قاسياً في تعامله مع أبنائه وبناته ، وربما كان الأخ أيضاً وحشاً كاسراً مع أخواته ، فلا احترام ولا توقير ، ولا إجلال ولا تقدير ، بل على العكس من ذلك ، سباب وشتائم ، وركل ورفس ، فتتراكم هذه الأحداث ، حتى تصبح حلماً مفزعاً ، وهماً مفجعاً ، وتحسب الفتاة أن كل الرجال بهذه الشاكلة من سوء الأخلاق ، وعنف التعامل ، وسيء الطباع .
وربما كانت تخاف من الفشل ، لأنها تسمع وترى بعض قريباتها أو صديقاتها ، فشلن في زواجهن ، فتخاف أن ينسحب الأمر على كل الرجال .
أو الخوف من عدم القيام بحق الزوج ، أو الخوف من عدم القيام بشؤون المنزل ، وربما كانت إحداهن ترغب في الراحة والدعة ، حتى يفوتها الزواج ، وتدخل في سن العنوسة المتأخرة التي لا يرغب بالزواج منها أحد ، فتخسر بناء أسرة مسلمة تفيد أمتها ومجتمعها ، وتخسر زوجاً يكون لها جنة في الدنيا والآخرة ، وأبناءً صالحين ، يدعون لأمهم ، فعلى الفتاة أن تحكم عقلها قبل عاطفتها وما يمليه عليها تفكيرها الخاطئ ، بترك الزواج ، وعليها أن تقدر للأمور قدرها ، وتقارن فوائد الزواج ، بمضار العنوسة ، إذ لا مقارنة بين الأمرين .
لاسيما والشرع جاء في الأصل بالزواج ، ونهى عن العزوبة .
فللزواج فوائد كثيرة ، كبناء الأسرة ، والحفظ من الانحراف ، وتحقيق المكاثرة ، وغير ذلك كثير .
وللعنوسة مضار كثيرة ، ذكرتها في بداية هذا الموضوع ، فلا يمكن لعاقل أن يقارن بين أمرين أحدهما حلو والآخر مر علقم ، أحدهما يقرب إلى شرع الله ، والآخر يبعد عن مقصود الشرع من الزواج .